Apr 14, 2014

رأي حول انتشار مقطع فيديو في وسائل التواصل الاجتماعي

 

أسمي هذه الشائعات ما يعرف ب"المنظور الثقافي"، عند المراسلين و الذي يرى خلاله المشاهدين ما يروق لهم رؤيته
ويمكنكم الرجوع لألاف الرسائل حول هذا الفيديو فستجدون ان كل واحد يراه من منظوره هو وينسبه لمنطقة يعيش فيها او قريب منها وقد عددت اكثر من ٢٠ ادعاءاً مشابهاً اخرها هو صولب

http://www.youtube.com/watch?v=mHJR4U9_rI4

 
 
 
 
تداول مستخدمو شبكات التواصل الاجتماعي مقطع فيديو تم تصويره في اكتوبر الماضي يوضح مجموعة كبيرة من المقتنيات داخل (مقبرة أو مكان ما) عثر عليها تحت اسفل احد المباني في (مكان ما) تمثل جزءاً (مما يبدو عليه) أثاث جنائزي (؟) يحوي كمية كبيرة من التماثيل والتوابيت والمصنوعات الذهبية والحجرية دون ان يوضح المصور او ناشر الفيديو مكان العثور عليه او صاحب المكان . وقد تم تداول هذا الخبر في اكثر من مكان في وسائل الإعلام المصرية  قبل ان يتلقفه رواد وسائل التواصل الاجتماعي وينتشر بسرعة البرق ويخضع لتأويلات من غير المتخصصين بمكانه واصله وفصله. لست هنا لافتي بالمكان او طبيعة هذه الموجودات بدقة، ولا أثق في أثريتها، ولكنني عندما قرأت الخبر وجدت كثيراً من التعليقات التى تشير احياناً الى المحس وأحياناً الى مروي وأخرى إلى نبتة وصادنقا وغيرها بالرغم من أن ذلك ممكناً لوجود العديد من الآثار المماثلة في السودان الشمالي. وللتوضيح وحسب علمي، ولكم التعليق إن شئتم:
1. إن هذا المقطع صوّر مرات عديدة وتم نشره أكثر من مرة كمثال ما هو منشور في اغلب مواقع التواصل الاجتماعي والمنتديات وغيرها مثل الموجودة في منشور الاستاذ السفير نور الدين منان:

والثاني نشرته مجموعة (الباحثون على الآثار المصرية) في 14 ابريل بعنوان تصوير تابوت من داخل مقبرة فرعونية

تجدها على الرابط التالي
والأخير بنفس الطريقة تقريباً التى يلجأ لها لصوص الآثار لتصوير هذه المقاطع بوضع ورقة عليها تاريخ او صحيفة او خلافه انظر مثلا
كلا المقطعان صورا في وقتين مختلفين ومن زوايا مختلفة أيضا كما هو موضح في الصورة هنا: على اليمين مقطع اليوتيوب، على اليسار المقطع المنتشر في اغلب وسائل التواصل الاجتماعي


2. بالرغم من عدم وجود اية معلومات عن الفيلمين، الا انهما من مجموعة أفلام صورت في فترات مختلفة وهي امور اصبحت منتشرة ، وهنا مجموعة فيديوهات صورت بذات المقبرة من زوايا اخرى وفي اوقات مختلفة دون تحديد مكانها 
وهو تصوير متتابع من اول بداية المكان الذي تم العثور فيه على هذه الآثار وحتى نهايته بتفاصيل ادق ، مع وجود تاريخ لتصوير الفيديو موضحاً من خلال صحيفة مصرية (الجمهورية) دقيقة 3:05 وكتب تعليقاً على المقطع:
Published on 1 Mar 2014
وقالت المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها لوجود خطر على حياتها في تصريحات لوكالة الأنباء الالمانية (د. ب. ا)، اليوم الأحد، أن هناك مسلحين يحتلون 4 مقابر أثرية في نجع القبة غرب أسوان كان قد عثر عليها منقبون ولصوص آثار خلال أعمال تنقيب سرية في منطقة غنية بمقابر نبلاء الفراعنة حيث يفرض هؤلاء المسلحون سطوتهم على هذه المقابر.
http://www.youtube.com/watch?v=mHJR4U9_rI4
http://www.youtube.com/channel/UCWlPYdnZ6FPjLT62ot4IALQ/videos ..
مع الاخذ في الاعتبار ان التعليق اعلاه قد لا يكون له اية علاقة بمضمون الفيديو!!!
3. لي كلمة أخيرة وهو اننا نفخر بتاريخنا وبآثارنا ولا نبتغي لي عنق الحقيقة لأية مآرب أخرى، وما هو موجود في بلادنا يفوق ما صور في هذا الفيديو ، ندعو الجميع للحفاظ على ما هو موجود ونسوّق له بدلا من الامساك بخيوط واهية والخلط والقفز بين موضوع وآخر..

مصادر متعلقة:


تحياتي واحترامي
بروفيسور أزهري مصطفى صادق على
https://uofk.academia.edu/AzhariSadig
استاذ الآثار بقسم الآثار جامعة الخرطوم
معار جامعة الملك سعود



Apr 1, 2014

دعوة للحوار نظام الحكم الجديد ومستقبل التراث الثقـــافي


طالب دكتوراة في ادارة التراث الثقافي
جامعة الملك سعود الرياض
مبتعث من جامعة إب اليمن
نشر في صحيفة الجمهورية الرسمية في اليمن
بتاريخ22 مارس 2014




خضع اليمن لأنظمة حكم متعددة، منها الملكي الذي قام على الفردية المطلقة المفضية إلى الاستبداد وعدم المبالاة بما يحتاجه 
الناس وما يطمحون إليه، وكيف يجب النهوض بمستوى معيشتهم، فتضافرت بذلك ويلات البؤس والفقر والعزلة لتجعل من اليمن واحدة من أكثر بلاد الله تخلفاً وغرقاً في ظلمات الأزمنة البدائية واستمر ذلك قرابة أربعة وأربعين عاماً، في الوقت الذي كان جنوب اليمن يرزح تحت وطأة الاستعمار البريطاني ونظام السلطنات المتعددة، وبقيام ثورتي اليمن المظفرتين سبتمبر 1962، وأكتوبر 1967 أصبح نظام الحكم جمهورياً، ورافق ذلك أن كان النظام مركزيّاً في ظل الجمهورية ويقوم على أساس التعددية السياسية والحزبية والديموقراطية التي تنص على أن الشعب هو مالك السلطة ومصدرها رغم أن الشعب لم يكن يملك منها إلا القشور، واستمر الأمر كذلك بعد الوحدة المتحققة في عام 1990م التي نشأت معها دولة اليمن الحديثة والتي لم تغير شيئاً في الواقع المعاش لحياة الناس، وانتكست معها أماني اليمنيين وأحلامهم بفعل ما رافقها من اختلالات أدت إلى بروز عديد من الإشكالات ليس المجال هنا لذكرها.. وفي أعقاب ثورة فبراير 2011م التي أطاحت بنهج التوريث فكراً وجسداً، وما تبعها من مبادرات ومداولات فقد أدت إلى انتقال السلطة، وانعقاد مؤتمر الحوار الوطني الذي نوقشت فيه كثير من القضايا العالقة محل الاهتمام التي كانت سبباً في الكثير من الأزمات السياسية والاقتصاية والاجتماعية، والذي اختتم أعماله مطلع فبراير الماضي، وكان أهم ما صدر عنه هو إعلان قرار لجنة الأقاليم والذي أصبح معها خيار دولة اتحادية في اليمن من ستة أقاليم خياراً واقعاً ومقبولاً لدى الجميع على الرغم من الاعتراضات التي أظهرتها بعض الأطراف إلا أنها ستقود إلى الاستقرار وقيام دولة وإدارة حديثة في الأقاليم تشرف عن قرب على قضايا التنمية والتطوير. 
تجربة الأقاليم بطبيعة الحال ليست بدعاً على اليمن وحدها فقد سبقتنا إلى ذلك كثير من الدول، وهي تجربة جديرة في نظري حتى يسهل حلحلة الأزمة السياسية وتجاوز الخلافات القبلية والمناطقية والاستحواذ الجهوي، ولكي يستطيع اليمنيون التعايش بسلام مع جميع المكونات، وبما يضمن تحقيق العدالة بين أبناء البلد الواحد، وتتعزز أواصر الوحدة الوطنية على أسس جديدة. 
وهنا لا أريد الخوض في الجدل الذي يدور هذه الأيام حول جدوى نظام الحكم الإقليمي من عدمه. فالأمر المهم في الفترة القادمة لابد من التركيز في البناء وأن يسهم الجميع في تشييد الصروح، ووضع أسس متينة تقوم عليها مؤسسات اليمن وفقاً لمتغيرات المرحلة الاستثنائية التي تعيشها البلاد، وأشير هنا أيضاً إلى أن الحكم الذاتي الفيدرالي القادم سيتيح مجالاً للتنافس بين الأقاليم كي تتولى أمور إدارتها وتنميتها، بحيث يتولى كل إقليم إدارة أنشطته وموارده، والتحكم بحركة التنمية بجميع جوانبها في إطار خطة التنمية الوطنية التي تشمل كل أقاليم البلاد. لكن السؤال الذي يبرز هنا هو: كيف سيدار التراث الثقافي، وما وضعه في ظل نظام الأقاليم؟ 
أود في هذا السياق التاريخي الذي يشهد هذه التحولات العميقة أن أتناول موضوع التراث الثقافي، والظروف التي يتعرض لها، فواقعه بلا شك أمرٌ مقلق سواء في فترة النظام السابق أو الفترة التي لحقت ثورة فبراير، وأعني بالتراث الثقافي جميع مواقع الآثار والتراث والمتاحف والمدن التاريخية وقطاع الحرف والمصنوعات الشعبية فضلاً عن الفلكلور والتراث الشعبي... الخ، ولعل التراث في تعريفه البسيط هو كل ما خلف الأجداد للأحفاد، وكل ما أبدعته الأمم عبر تاريخها الطويل، والممتلكات والكنوز التي تركها الأولون والتي تُعدُّ السند المادي واللا مادي للأمم والشعوب، من خلالها تستمد جذورها وأصالتها وتحافظ على هويتها. 
ومن خلال نقاش دار مع أحد أساتذتي في إحدى قاعات المحاضرات عن حال التراث الثقافي في اليمن بعد إرساء النظام المتفق عليه في الحوار الوطني، والذي نص على تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم، برز السؤال عن الصيغة الأميز لوضع التراث الثقافي والتي تخدم تاريخ اليمن وتعزز وحدته، وهويته الثقافية، كما تتيح تلك الصيغة فرص تنمية التراث والاستفادة منه إقتصادياً، وفي ذات الوقت يحفظ للأقاليم نصيبها من التنمية والإشراف جزئياً على إدارة ما يوجد فيها من تراث أثري أو تقليدي. وقد خلصت من خلال النقاش إلى أن واحدية التراث الثقافي في اليمن في ظل الدولة الاتحادية هو السبيل والضمان الأوحد لاستمرارية هويتنا وحضارتنا ووحدتنا وخصوصيتنا المميزة. فمهما تكن إيجابية الأقاليم والدولة الاتحادية فالتراث الثقافي لا يمكن أن يكون إلا واحدًا باعتباره الرمز للوحدة الوطنية؛ ولهذا فإن مسؤولية إدارته والحفاظ عليه يجب أن تكون مركزية في الأساس لجهة الأنظمة والقوانين والتشريعات التي تضمن الحفاظ عليه، وذلك من كونه يحمل طابعاً رمزياً لليمن بعيدًا عن الخصوصية المناطقية الضيقة، وعنوان لكل اليمنين، ودليل حضارتهم. وللأقاليم أيضاً دوراً مهماً تقوم به لجهة الحماية والإدارة المحلية المباشرة على جميع تفاصيله. 
إن هذه النظرة المتعلقة بالتراث في ظل الأقاليم وضرورة بقاء مسؤوليته مركزية بالدرجة الأساس لها ما يبررها، من ذلك: إن فيها تجسيد الهوية الوطنية لكل اليمنيين، وهذا المبرر بحد ذاته يشكل عاملاص رئيساً يسهم في خلق الشعور الوطني، وتعزيز التمسك بالوطن والحفاظ عليه والتضحية من أجله. 
ولأن التراث الثقافي مصدر التاريخ المشترك والهوية الوطنية، وهو أيضاً رمز وشعار وعلامة مميزة للمجتمع، وإبداع أصيل يحمل ملامح كل اليمنيين ويحفظ سماتهم ويؤكد عراقتهم وصورة شاهدة لروحهم العامة وشعورهم المشترك الذي يميزهم عن غيرهم. فهو بذلك بقعة الضوء الوحيدة التي يمكن أن تضيء وسط هذا التشتت والسواد الذي يراه البعض من خلال الحفاظ على تراثنا والتعلق به. يضاف إلى ذلك أن الجهات المعنية بالتراث والكوادر المؤهلة تتفاوت من إقليم إلى آخر، فالوعي بالتراث ليس ثقافة عامة لكل الأقاليم، وأيضاً فإن المتخصصين بقضايا التراث قد لا يذكرون في بعض الأقاليم، وفي هذا تهديد للتراث الثقافي. ناهيك عن برامج الصيانة والترميم والتأهيل التي تحتاج إلى إدارة مركزية تستقطب الدعم الأجنبي – المادي والبشري - من الدول المانحة والمنظمات والهيئات العالمية المعنية بالتراث الثقافي، في الوقت الذي يصعب على سلطة الإقليم التخاطب وطلب العون والمساعدة من تلك الجهات. 
إن الحديث عن التراث الثقافي حديثٌ في الهوية، فالتراث في عرف الباحثين والمختصين، حديثٌ في ماضي الشعوب وامتدادات جذورها، وبمعنى آخر هو حديث عن هويتها وخصائصها، فمن لا ماضي له لا حاضر له ولا مستقبل، وهو ركيزة أساسية من ركائز هويتها الثقافية ووحدتها الوطنية وعنوان اعتزازها بذاتيتها الحضارية في تاريخها وحاضرها. فالهوية بكل تفاصيلها تتغذى على التراث المرتبط بأبعاد حضارية وتاريخية ودينية وسياسية، فإن تَعلق الإنسان بما يختزنه ماضيه من إنجازات علمية ومعمارية وفلسفية وفكرية وثقافية حالة فطرية ولا يمكن أن تفصله عن تراثه، فالإنسان السوي إن قطعته عن تراثه فقد حكمت عليه بالإعدام نظراً لمدلولاته الدينية والاجتماعية والثقافية التي يبني عليها حياته المعاصرة، يضاف إلى ذلك أن الحديث عن التراث هو حديث عن قضايا واهتمامات عالمية مشتركة، ومما يستدل به على عالمية التراث هو ما نشهده اليوم من اهتمام عالمي كبير بالتراث الثقافي على أساس أنه تراث عالمي وهو مكسب مهم تتقاطع فيه مصالح الشعوب والأمم وأفكارهم ورؤاهم ومطامحهم؛ ولهذا أصبح التراث موضوعاً مشتركاً في صنعه وإنتاجه والبحث فيه بما يخدم الجميع وخصوصاً ما صنفته منظمة اليونسكو كتراث عالمي، وهذا لا يعني غياب الخصوصية في جانب التراث، بل أن ذلك أمرٌ مقرر، فهو يحكي طبيعة المجتمعات ويصور وضعها وما كانت عليه؛ ولذا نجد كل شعوب المعمورة تسعى جاهدة إلى الالتصاق بتراثها وجمعه في بوتقة واحدة باعتباره عصب الحضارة، وامتداد تاريخ، وإذا كان هذا عاماً في كل بلد، فإننا أحوج من غيرنا لممارسة هذا الفعل؛ لأن تراثنا المنتشر في كل ربوع اليمن يشكل وحدة متجانسة ومتماسكة في جميع العناصر والأسس التي بُني عليها، والطرق التي يؤدى بها، وفي مضمونه، وأهدافه، ومعانيه، ولهذا لابد من جعله تحت إدارة واحدة، ولا يمكن تجزئته وتقسيمه او تشتيته بغية تذويبه بأي حالٍ من الأحوال. 
إن الحديث عن التراث الثقافي لا ينتهي عند هذه المقدمة العامة فنحن نملك تراثاً ثقافياً لا أبالغ إن قلت هو الأغنى على مستوى الجزيرة العربية على الأقل، فهو متنوع ومتعدد، ويمكن القول بأنه: عبارة عن فتائل متعددة لسراجٍ واحد، وحديقة تستهوي المتخصصين بسبب تنوع ألوانها، وهذا يعزز ما ذهبنا إليه من ضرورة بقاء تراثنا واحداً في حياتنا وثقافتنا. 
وإذا كانت الهوية هي القاسم المشترك من سمات حضارية وثقافية بين أبناء الشعب الواحد والتي تميزه عن غيره من الشعوب فإن التراث الثقافي هو العمود الفقري لهذه الهوية، وكلما زادت قيمته وتعاملنا معه تعاملًا علميًّا، أتاح لنا ذلك أن نصنع لأنفسنا مكانة تتناسب مع تراثنا المتجذر والممتد في الحضارة الإنسانية. 
ما أود أن أقوله هنا هو أن موضوع التراث الثقافي لم يحظ بالاهتمام في مداولات الحوار الوطني ولم تتضمنه الوثيقة النهائية التي تم التوصل إليها، ولذا لابد أن يوضع التراث الثقافي على بساط البحث والنقاش والمداولة إذا أردنا الحفاظ على تراثنا من التشتت، وهذا الأمر يتطلب أن ينهض جميع المهتمين والدارسين والأكاديميين والصحفيين بدورهم في تحقيق ذلك وأن يعلنوا وقوفهم مع واحدية التراث بصوره المتنوعة في كل ربوع الوطن. وأن يكونوا جادّين وبنوايا صادقة في الحفاظ على تراثنا كركيزة أساسية من ركائز الحفاظ على أرضنا وانتمائنا وهويتنا الثقافية والوطنية. وهي دعوة أوجهها لوزارة الثقافة وهيئاتها المعنية ووزارة السياحة بضرورة عقد مؤتمر وطني تتم الدعوة إليه جميع المتخصصين من الأكاديميين والأثريين والمهتمين والمعنيين لمناقشة مستقبل التراث الثقافي في اليمن وإدارته في ظل الأوضاع الجديدة ونظام الحكم الإقليمي والخروج بوثيقة خاصة بالتراث الثقافي قبل أن تتم صياغة أية قوانين جديدة، وتضمينها في الدستور الجديد. فليس من المعقول أن ينشغل الجميع بالسياسة وتوزيع المناصب الإدارية والتنفيذية وتقسيم الحدود الجغرافية، ويُترك التراث في غياهب النسيان. وأتوقع على الأقل أن يتنادى الاختصاصيون في حقل التراث والمثقفون إلى الدعوة إلى مثل هذا المؤتمر المقترح؛ من أجل صياغة مشروع متكامل يضمن لتراثنا الحفاظ والوحدة حتى لا يشعر بالاغتراب في ظل البلد الواحد. 
إن توزيع اليمن إلى أقاليم هو حالة طارئة وجديدة تحتم علينا أكثر من أي وقتٍ مضى السعي نحو بناء التماسك الوطني، والحفاظ على الهوية التي تجمعنا، وأن نعمل على تجميع كل ما يتقاطع مع التراث تحت سقف واحد، والتعامل مع التعددية الثقافية في كل الأقاليم بما يضمن توثيق ذلك التراث وتسجيله وفهمه وتحليله وبناء قاعدة معلومات وطنية لكل مكونات تراثنا في كل الأقاليم، فضلاً عن الدور الاقتصادي الذي يلعبه التراث الثقافي، واستثماره في عملية التنمية السياحية ومردوداتها الايجابية. 
إن الدعوة إلى جعل التراث الثقافي يخضع أساساً للنظام المركزي لا يعني مصادرة خصوصية كل إقليم كما سيفهم البعض، لأن العمل في مجال التراث وإدارته المباشرة سيكون في إطار الأقاليم والمحافظة عليه ستقع على سلطة الإقليم، لكن الإشراف والقوانين والتشريعات لابد أن تتبع سلطة المركز، ويسند إلى الإقليم الحفاظ عليه وتنميته، كما أن الأمر بحاجة أيضاً إلى إنشاء مكاتب رسمية تابعة للمركز وجمعيات أهلية صديقة لهذا التراث الثقافي في كل إقليم. 
خلاصة القول: إن تراثنا الثقافي هو الركيزة المهمة التي ينبغي أن نتمسك بها وإن تغير نظام الحكم أو شكل الدولة؛ فهو الأرض والوطن والإنسان والتاريخ، وهو البقية الباقية من إسم اليمن وأمجادها، والسِفر الخالد الذي يحضّ على اتحاد الإنسان بالإنسان، ويدعو إلى اتحاد الإنسان والتصاقه بأرضه وتاريخه، آملاً أن أكون قد ساهمت من خلال هذا المقال في رسم بدايات الطريق للحفاظ على تراثنا الثقافي في ظل الدولة الاتحادية المنشودة، وأملي الكبير أن يلقى هذا القول آذاناً صاغية لأكون قد قدمت لبنة صغيرة متواضعة في بناء اليمن الجديد الذي نحن مقبلون عليه. والله الهادي إلى سواء السبيل. 


Yasseralhiagi@gmail.com